تحية طيبة و بعد ، فقد ذكرت في القرآن الكريم كلمة " يسألونك " أكثر من أربع عشرة مرة ، منها على سبيل المثال قوله تعالى : ( يسألونك عن الأنفال ) ( يسألونك عن المحيض ) ( ويسألونك عن الجبال ) ( يسألونك ماذا ينفقون ) ، فماذا نفهم من هذا السؤال ومن جوابه " قل .." ؟
1- جاء السؤال بصيغة الجمع يسألونك : فالمجتمع المسلم ينبغي أن يكثر فيه العلماء والمتعلمون وإلا كان مجتمعاً جاهلاً ، 2- وجاء بصيغة المضارع للدلالة عل استمرارية السؤال : فالمسلم متعطش للمعرفة يرغب دائماً فيها ، 3- وكاف المخاطب إشارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو العالم الذي يستقي الجميع منه دينهم : وهذا تنبيه إلى وجوب سؤال العالم الذي ينصح ويدل على الخير ويشير إلى الصواب ، أما الجاهل فيضل ويُضل ، 4 - يجب تحديد السؤال ليجيب عنه العالم لا عن غيره .. عن الأنفال ، عن المحيض ، عن الجبال .. وهكذا ، والكلمة " قل " دليل على وجوب إجابة السائل ، فمن كتم علماً لجمه الله بلجام من نار ، 6- الإجابة بشكل واضح لا لبس فيه ولا اختصار يريح السائل فيفهم ، ومن ثم لا يحتاج أن يسأل مرة أخرى .. ومثال ذلك ما نحن فيه في هذه السورة قال تعالى : ( ويسألونك عن الجبال ) فقل ( ينسفها ربي نسفاً فيذرها قاعاً صفصفاً لا ترى فيه عوجاً ولا أمتاً ) سورة طه ، ثم تسهب في الجواب الذي يلازم نسف الجبال في اليوم الآخر ، قال تعالى : ( يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات فلا تسمع إلا همساً ) سورة طه ، والجواب مستفيض استغرق الآيات 106- 114 وهذا ما نجده في ما ذكرنا من مجيء الفعل " يسألونك " إلا في علم الساعة قال تعالى : ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها ) فلا تجد كلمة قل : لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم وقت حدوثها ، فلا ينبغي التقوّل على الله تعالى ، أو يأمر الله تعالى نبيه أن يقول: ( علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ) .
والجبال من مخلوقات الله العظام ، ذكرها الله في القرآن في أكثر من (31) موضعاً قال تعالى : ( ألم نجعل الأرض مهاداً ، والجبال أوتاداً ) النبأ 7 ، وهذا نداء من الله تعالى للجبال : ( ياجبال أوبي معه ) أي رددي التسبيح مع داوود عليه السلام ، ويقول : ( إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق ) و يقول عز و جل : ( وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين ) الأنبياء 79 ، و يقول سبحانه : ( ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعاً ) و يقول : ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله ) .
نهاية الاعلان 23-7-2007